الزواج ميتاق تراض وترابط شرعي بين رجل وامرأة على وجه الدوام غايته الإحصان وإنشاء أسرة مستقلة برعاية الزوجين، كما ذكر في الشرع لكن هذا التعريف لم يحدد طريقة الزواج بل ترك المجتمع يتفنن فيها واقتصر فقط على تأكيد التراضي بين الطرفين. وفي الآونة الأخيرة بدأت تظهر أنواع عدة من الزواج كالزواج الإلكتروني الذي اقتحم البيوت المغربية والعربية وأصبح ظاهرة الزمن أكتر من كونه واقعا، لكن هل يمكن ضمان نتائج هذا الزواج وهل مواقع الزواج الإلكترونية تساهم في معالجة مشكلتي العنوسة والعزوبية في أوساط الشباب أم أنها تفاقم مشاكل الطلاق؟
يعتبر الأنترنيت وسيلة إعلامية وهي عالمية الإنتشار حيت يتكون الأنترنيت من عدد كبير من الشبكات المترابطة والمتناشرة، وقد ذخلت الأنترنيت جميع مجال الحياة مما جعل له آتارا واضحة في نظام الإتصال العالمي، ومن أهم الأمور التي يوفرها الأنترنيت اليوم هو الزواج الإلكتروني، الذي حل محل الزواج التقليدي والمتداول داخل المجتع العربي والإسلامي ووفر فرصة جديدة للشباب لاختيار شريك حياتهم بأنفسهم دون أي تدخل من قبل الأهل. كلمة فسلام فدردشة فموعد فلقاء فزواج… كل هذه الأمور ستكون حاظرة في الموعد المحدد ولكن وسيلة نقلها ستكون شاشة صغيرة وعدة أزرار يكون دور الكمبيوتر هنا إتمام هذا التعارف فقط وبعد ذلك تجري الأمور بعيدة عن الكمبيوتر.
الزواج العنكبوتي والتنافس الهائل
فجل المواقع اختارت أسامي إسلامية على اعتبار أن العقد الإلكتروني هو عقد شرعي بين الطرفين وهذه المواقع تضع الكثير من الخدمات لمساعدة الطرفين للحصول على مبتغاهم بدءا من تدوين البيانات وذلك عن طريق تعبئة استمارة من كافة الجوانب مثل العمر والمستوى الدراسي والهوايات إضافة لصور بعث واستقبال الرسائل استعراض المعلومات وكذا معرفة جميع المنخرطين في هذه المواقع إضافة إلى فيديوهات شخصية ناهيك عن فرصة الدردشة المجانية بهدف إيجاد الشريك.
هل عوضت الخاطبة الإلكترونية بالخاطبة التقليدية ؟
تغيرت كثيرا طرق المغاربة في اختيار توأم الروح فبعد أن كان التعارف من قبل لايتحقق إلا بوساطة الخاطبة والعائلة تتعارف فيما بعضها البعض، أضحى اليوم الشباب في غنى عن هذه الوساطة بل يختار لنفسه شريكة حياته بالأسلوب الذي يريده مستفيدا من التكنولوجيا التي طرأت على المجتمع في الآونة الآخير.
حتى إن إحدى الإحصائيات السريعة لظاهرة الزواج الإكتروني من خلال موقع واحد يقدم هذه الخدمة أظهرت أن عددا من المتقدمين بطلبات الزواج حوالي 150 ألف، كما تشير الإحصائيات إلى أن نسبة الزبائن لهذه المواقع شهريا يزيد عن العشرة آلاف زائر، حيت أوضحت دراسة أمريكية أن حوالي 29 مليون أمريكي بمعدل إثنين من كل خمسة عزاب إستخدموا خدمات المواعدة للزواج على الأنترنيت العام الماضي، فيما يتوقع استمرار نمو هذا السوق خلال الخمس سنوات القادمة ، لكن يبقى السؤال المطروح هل هذا الزواج يعالج مشكلتي العنوسة والعزوبية في صفوف الشباب؟
سؤال حملناه معنا إلى الشارع وقمنا بأخد عينة من الشباب المقبيلن على الزواج وكانت آرائهم كالتالي :
يقول خالد ربما التواصل الإلكتروني يفيد شيئا ما في التعارف بين الجنسين، في الصداقة بالخصوص، لكن بالنسبة للوصول إلى مرحلة الزواج عبر الشات أعتقد أنه ليس مثل الزواج التقليدي لدى العامة، والذي مازالت تتمسك به الأسر المغربية، بصراحة الزواج عبر النت لا يمكن أن يقدم الصورة الحقيقية للشخص سواء كان ذكرا أم أنتثى، أما الزواج الذي يتبعه عامة الناس، يمكن أن يقربك من النصف الآخر، لكي تقرأ أفكاره وتعرف سلوكه عن قرب، بينما عبر النت يحاول كل شخص على حدى تقديم صورة بيضاء وحسنة لكي يبرز الأشياء الإيجابية فقط، فلا يمكن أن تقرأ الأشياء السلبية فيه عبر الشات أو الدردشة، لهذا أفضل بالنسبة للزواج أن يكون زواج مبني على أسس صحيحة زواج واقعي ليس من العالم الإفتراضي ولكل رأي خاص لكن في الإختلاف حكمة .
ومن جهتها تقول إيمان لا أجد عيبا في الزواج عن طريق الأنترنيت لأنها من رأيي أصبحت موضة العصر فالزواج عن طريق الأنترنيت يقلل من مشكلتي العزوبية والعنوسة شريطة أن يكون الهدف هو البحث عن شريك أوشريكة العمر، وليس اللعب واللهو وأن يكون الطرفين صادقين، وهي وسيلة جدية ليتم الإختيار من منطلق عقلي وليس عاطفي كما أنني سمعت عن قصص زواج ناجحة تمت عن طريق الأنترنيت.
ومن جهة أخرى يقول علي بأن الزواج عن طريق الأنترنيت لايعالج قضية العنوسة في أوساط الفتيات أو العزوبية بين الرجال، بالعكس قد يفاقم مشكلة الطلاق لإفتقاده المصداقية والنزاهة في تقديم كافة المعلومات والبيانات الشخصية. ليس هناك ضرورة ملحة تدفع البعض إلى اللجوء إلى مواقع الزواج للبحت عن شريك الحياة بمواصفات خيالية خاصة أننا نتفنن في الحديث عن إيجابياته أما السلبيات فليس من السهل على كل فرد توضيحها أو الحديث عنها لذا فالتعارف عن طريق الأنترنيت قد يخلق صورة خيالية إفتراضية لكل طرف لدى الطرف الآخر.
يعتبر الزواج عن طريق الأنترنيت زواجا مقبولا
عبد الباري الزمرمي رئيس الجمعية المغربية والبحوث في فقه النوازل
يجوز الزواج عن طريق الأنترنيت إذا توفرت فيه الشروط الآتية وهي الإيجاب، القبول والتراضي بين الطرفين وموافقة الأهلين وحضور الشهود فإذا توفرت هذه الشروط يعتبر الزواج حلالا ومقبولا، وإذا كان الغرض هو إقامة الزواج وفق علاقة نزيهة وشرعية شرط أن لايكون هناك أي غش أو خيانة. كما أن هذه المسألة أتارت ضجة في محيط علماء الدين اللذين أنكروه معللين أن التعارف بين الرجل والمرأة بهذه الطريقة فيه مضرة فأنا شخصيا من جهة رأيي أعتبره زواجا مقبولا.
الزواج الإلكتروني قد يخلق مشاكل كثيرة
رأي عبد اللطيف حباشي باحث في علم الإجتماع
أولا من الناحية السوسيولوجية لايمكن أن نسميها ظاهرة إلا إذا توفرت فيها مجموعة من المواصفات من بينها أن تكون ظاهرة عامة على مستوى المغرب متجانسة منتشرة في كل منطقة، لأنه نفتقد في المغرب إلى دراسات ميدانية ترصد مثل هذه الظواهر في أي مدينة هي منتشرة ومن أي ناحية وكذا السن والمستوى الثقافي فإذا توفرت هذه الشروط يبقى انطباعات فقط. الزواج الإلكتروني يتمركز خاصة في المدن التي تتوفر فيها فضاءات التواصل الإجتماعية كما أن التحولات التي طرأت على المجتمع والثورة التكنولوجية كان لها تأتير على مستوى القيم التقليدية، بعدها أصبح ركن التعارف على المجلات ومواقع الدردشة فتطور إلى حب تم تطور فيما بعد إلى الرغبة في الزواج. نجد أيضا أن تأخر سن الزواج له تأثير كبير في اقتحام هذه المواقع لإيجاد الشريك لتفادي ضياع الوقت والجهد في البحت عن الشريك بالطرق التقليدية، دون أن ننسى أن الزواج عن طريق الأنترنيت لايتيح فرصة كبيرة لمعرفة الشخص حق المعرفة ومعرفة مزاياه وعيوبه ومثل هذه العلاقات الإفتراضية تكون هشة وضعيفة وغير صلبة، فبمجرد اللقاء على أرض الواقع والإصطدام بمشاكل واقعية تنهار العلاقة من الأساس لأن الزواج يحتاج بالدرجة الأولى لصدق الطرفين وجديتهما وهذا ما يصعب تحديده عبر الأنترنيت.
الزواج الإلكتروني يساهم في ارتفاع معدل الطلاق
رأي منير الشواف محامي
النظر والجلوس يحقق التعارف والإتفاق وينمي في الطرفين الرغبة في الإرتباط كما يعطي فرصة وقدرا من الزمن للتواصل والحوار، والزواج لايقف عند حد الزوجين فقط فهو مصاهرة بين العائلتين وارتباط في العلاقات العائلية الإجتماعية. بحيت يصبح الزوج في علاقة مع أهل الزوجة ويقومان مقام أبويه ونفس الأمر بالنسبة للزوجة ولذلك لابد من احترام هذه الرابطة الشرعية. وجاءت أحكام الوكالة في الفصول 943 إلى985 من ق ل ع م منزلة الوكالة وتنظم الوكالة كعقد من العقود الرضائية التي تستوجب تطابق إرادتي الموكل والوكيل، لكن مدونة الأسرة إشترطت إذن قاضي الأسرة للتوكيل على إبرام عقد الزواج إضافة إلى توفر أركان عقد الوكالة لابد إذن من قاضي الأسرة وفق شروط حددتها المادة 17وهي كالتالي :
وجود ظروف خاصة لايتآتى معها للموكل أن يقوم بإبرام عقد الزواج بنفسه.
تحرير وكالة الزواج في ورقة رسمية أوعرفية.
أن يكون الوكيل راشدا متمتعا بكامل أهليته المدنية.
أن يعي الموكل في الوكالة اسم الزوج الآخر ومواصفاته والمعلومات المتعلقة بهويته وكل المعلومات التي يرى فائدة في ذكرها.
أن تتضمن الوكالة قدر الصداق وعند الإقتضاء المعجل منه والمؤجل وللموكل أن يحدد الشروط التي يريد إدراجها في العقد والشروط التي يقبلها من الطرف الآخر.
أن يؤشر القاضي على الوكالة بعد التأكد من توفرها على الشروط المطلوبة.
المصدر: F.A