الأطفال قرة العين وزينة الحياة الدنيا ويعتبر الإنجاب عند الزوجين ضرورة حتمية لكن أحيانا يقف القدر بالمرصاد أمام الزوجين ليعرقل العلاقة بينهما، ويدخلا في متاهات لاحدود لها خاصة في مجتمع يؤمن بأن الحياة بلا أطفال كالعيش بدون ماء وغالبا مايكون الطلاق هو سيد الموقف، لكن ماهي الأسباب التي تؤدي إلى تأخر الحمل وما تلك التي يستحيل معها الحمل ؟
الفهم الحقيقي لمشكلة العقم وأسبابها من أهم السبل المؤدية لوضع الحل ومن الخطأ جدا أن ينتقل الزوجان اللذان يعانيان من مشكلة عدم الإ نجاب إلى أكثر من طبيب لأن ذلك سوف يعرقل الأمور، ويطيل مدة العلاج ويترتب عليه إهدار الوقت والأعصاب والمال فمن الضروري البقاء مع طبيب واحد موتوق فيه ليمكن تتبع المشكلة من البداية والإحاطة بكامل ظروفها.
تعريف العقم
يعرف العقم بأنه عدم القدرة على الإنجاب رغم رغبة الزوجين ونتحدت هنا عن العقم بعد مرور سنة أوسنتين على الزواج ويلتقي الزوجان بانتظام وبشكل اعتيادي ورغم رغبتهما لا يتحقق الإنجاب، عنذئد لا بد أن يكون هناك سبب ما عند الرجل أو المرأة أو كلاهما ويتوجب البحث عن هذا السبب، وهنا علينا أن نفرق بين المرأة العاقر والمرأة الفاحلة فالمرأة العاقر هي التي لا يمكنها أن تنجب الأطفال والمرأة الفاحلة هي التي تحمل كل مرة ولكن لا يستمر حملها للنهاية وتموت الأجنة.
أسباب العقم
متنوعة منها مايخص المرأة والرجل و منها مايخص فقط المرأة، منها الوظيفية والعضوية. وتشمل الأسباب الوظيفية والعوامل التي تخل بوظيفة المبيض أحيانا بعدم إنتظام الدورة الشهرية، بحيت تكون إباضية. ولاشك بأن فشل التبويض إذا كان جزئيا أو كاملا يعتبر من أهم أسباب عقم المرأة وأكثرها حدوثا، وتشيرالإحصائيات إلى كون نسبة حدوثها تتراوح بين تلث عدد الحالات إلى النصف، إن فحص هرمونات الغدة النخاعية والمبيض يمكن أن يقرر ما إذا كانت المبيضات بعملات ويكون تشخيص العقم من إضطرابات الإباظة في معضم الحالات. وبالإمكان علاج مثل هذا الخلل ويتحقق الحمل عند وجود فشل التبويض كسبب للعقم عند الزوجين، كما تشيرالإحصائيات الى أن متوسط معدل النجاح يحقق الحمل في60/50 من المائة، أما انسداد قناة المبيض فيعتبر السبب الرئيسي الثاني من أسباب العقم عند النساء. وفي بعض الحالات قد يكون العقم عند النساء ناتجا عن تحسيسها بنطف زوجها، ومثل هذا التحسيس هو السبب الفعلي للعقم الزوجي، إذ نجده في حوالي 15 بالما ئة من الحالات.
الأسباب التي تؤدى إلى تأخر الحمل
هناك عدة أسباب قد تؤدي إلى تأخر الحمل، بعضها تكون الزوجة مسؤولة عنها، والبعض الآخر يكون الزوج هو المسؤول.
أما عن الزوجة، فمن الممكن أن تعانى من Syndrome des ovaires polykystiques، ولعلاج هذه الحالة يبدأ الطبيب بإقناع المريضة أن تفقد بعض الوزن، إذا كانت تعانى من السمنة، حيث أن فقدان بعض الوزن قد يؤدى إلى انتظام التبويض، فإذا فشلت هذه الطريقة يتجه الطبيب إلى العقاقير الطبية. هناك أيضاً حالات تعاني فيها الزوجة من التصاقات بالرحم، والذي يتضح عن طريق عمل منظار، وفي علاج هذه الحالات إذا كان سن الزوجة صغير والإلتصاقات الموجودة بالرحم محدودة، يقوم الطبيب بعمل Lyse d’adhérences par laparoscopie. ، وإذا فشلت هذه الطريقة فقد يلجأ إلى وسائل الإخصاب المساعدة، أما إذا كان سن الزوجة قد تعدى الـ 35 سنة، فيقوم الطبيب باللجوء لوسائل الإخصاب المساعدة، حيث إن هذه الطريقة تحتاج لفترة زمنية طويلة لكي تظهر فعاليتها.أما بالنسبة للزوج، فهناك بعض المشاكل التي قد تؤدى إلى تسببه في تأخر الإنجاب، منها أن يكون عدد الحيوانات المنوية لديه قليلة أو أن يكون هناك انسداد. وهذه الحالات كان علاجها ميؤوساً منه، وقديماً كانت تعالج عن طريق الجراحات الميكروسكوبية، ولكنها كانت غالباً ما تفشل ولكن مع التقدم الهائل في وسائل الإخصاب المساعدة، أصبح الآن من الممكن الشفاء منها. هناك أيضاً بعض الحالات، حيث يعانى الزوج من دوالي في الخصية وهنا عملية إزالة الدوالي قد تؤدى إلى نتائج جيدة، فإذا لم تنفع فاللجوء إلى وسائل الإخصاب المساعدة قد يفيد كثيراً.
الأسباب التي يستحيل معها الحمل
إن الأسباب التي يستحيل معها الحمل قليلة، فبالنسبة للزوج فشل كامل الوظائف الخصية. أى أنها لا تنتج الحيوانات المنوية، وبالنسبة للزوجة عدم وجود رحم أو مبيضين أو فشل في وظائف المبيض إما لعيب خلقي أو نتيجة الوصول لسن اليأس. وما عدا ذلك فمع تقدم التكنولوجيا في وسائل الإخصاب المساعد، قد أصبح يوجد أمل للأزواج حتى في بعض الحالات التي كان علاجها ميئوساً منه سابقاً.
الفرق بين أطفال الأنابيب والإخصاب المجهري
إن كلاً من الوسيلتين، أطفال الأنابيب والإخصاب المجهرى، تسمى «تخصيب خارج الجسم»، أما عن الإخصاب المساعد فيطلق هذا اللفظ على كل وسيلة تستدعى شفط البويضات وتخصيبها خارج الجسم، وفي هذه الوسيلة يتم نقل البويضات المخصبة إلى داخل تجويف الرحم لكي تلتصق بجدار الرحم الداخلي، ويتم وضع حوالي 100 ألف حيوان منوي نشيط مع كل بويضة، يتم شفطها، ويتم ذلك في أطباق ومحاليل معينة داخل حضّانة خاصة؛ حتى ينجح واحد فقط من الحيوانات المنوية (بمساعدة الآخرين) في تخصيب البويضة. هذه الوسيلة تصلح عندما تكون أسباب تأخر الحمل عند الزوجة، كأن تعانى مثلاً من انسداد الأنابيب أو وجود التصاقات تمنعها من التقاط البويضات، وكذلك تصلح هذه الوسيلة في بعض حالات تأخير الحمل غير المعلوم السبب.
أما في التلقيح المجهرى، فكل بويضة يتم شفطها وحقنها تحت المجهر بحيوان منوي واحد باستخدام آلات دقيقة للغاية، وبعد الحقن يتم وضعها في نفس المحضن «الحضّانة»، هذه الوسيلة عادة ما تستخدم عندما تكون أسباب تأخر الحمل عند الزوج، كأن يعانى مثلاً من ضعف في حركة وعدد الحيوانات المنوية في السائل المنوي أو إنسداد في الحبل المنوي، وعندئذ يتم استخلاص الحيوانات المنوية بشفطها من البرنج أو بعينة صغيرة من الخصية في حجم حبة الأرز. قد يظن بعض الأزواج أن استخدام وسائل الإخصاب المساعد يستدعي إجراء عملية جراحية، وعند القيام بها، يتملكهم الخوف منها، لكنها ليست عملية جراحية فكل ما هنالك أن الطبيب يعطي مخدراً خفيفاً للزوجة حتى لا تشعر بألم أثناء شفط البويضات بمساعدة الموجات فوق الصوتية، وإذا لم تنجح المحاولة في أول مرة يمكن إجراء أكثر من محاولة أخرى. ومتوسط نسبة النجاح في المحاولة حالياً هو حوالي 35%، وتزيد نسبة النجاح مع صغر سن الزوجة لأكثر من 50% في المحاولة، وتقل كثيراً فوق سن الأربعين، وهذه النسبة تعتبر جيدة جداً إذا عرفنا أنها في الثمانينيات وفي أوائل التسعينيات كانت لا تزيد على 20% في المحاولة.
الفرق بين الحمل الذي يحدث بوسائل الإخصاب المساعدة والحمل الطبيعي
عند حدوث الحمل بوسائل الإخصاب المساعدة فهو يعتبر حملاً كأي حمل طبيعي غير أن الخطوة التي تتم في قنوات فالوب في السيدة الطبيعية لا تتم لسبب ما ولذلك يلجأ لتخصيب البويضات خارج الجسم، ولكن طالما حدث الحمل فهو مثل أى حمل آخر، ولكن يعتبره الأزواج والأطباء حملاً ثميناً.. أما عن نسبة حدوث الإجهاض فهي لا تزيد على الحمل الطبيعي في حالة وجود جنين واحد.
«الحل في التغذية المتوازنة والرياضة»
حوار مع محسن بنيشو إختصاصي في الطب النفسي والعقلي للكبار والآطفال
مادور الإنجاب في العلاقة الزوجية ؟
نحن نعلم مكانة الإنجاب في مجتمعنا العربي، وكذلك المغربي، فالمرأة لا تتقوى مكانتها إلا بوجود أطفال من صلبها، أما في حالة العكس، فالأكيد أن عقمها سوف يشكل ضربة قوية لمكانتها كزوجة داخل أسرتها، وخير دليل على ذلك أن العديد من حالات الطلاق وانهيار كيان الحياة الزوجية سببه العقم، هذا الأخير الذي يعتبر ورقة الضغط يستعملها الرجل العربي للزواج من امرأة أخرى تكون قادرة على الإنجاب.
و للأسف مازالت عقلية هذه المجتمعات، تلقي اللوم على الزوجة كأنها المسؤولة الوحيدة على عدم قدرتها على الإنجاب، مع أن هناك حالات عديدة يكون الزوج هو أيضا عاقرا، إما لأسباب عضوية، ناتجة عن اضطرابات هرمونية أو مشاكل في الانتصاب أو القذف أو لأسباب نفسية، إلى جانب ذلك فلا بد من الإشارة إلى نقطة مهمة يجهلها العديد من الناس، وحتى بعض الأطباء المختصين في الولادة، وهي أن أحيانا العقم قد يكون نتيجة وجود اضطرابات جنسية عند الزوجين.
كيف هي الحالة النفسية عند الزوجة العاقر؟
المرأة العاقر غالبا ما تصاب بحالة من الاكتئاب وفقدان الرغبة وكره ممارسة العلاقة الجنسية، لأنها تشعر أن هذه العلاقة عقيمة أيضا، مادامت لن تحقق الغاية منها وهي الإنجاب. إلى جانب ذلك فإن هذه الزوجة ستعيش حزنا وإحباطا شديدين وكذلك شعورا بالعجز خصوصا في فترة حيضها، لأنها ستحسسها بأنوثتها الناقصة. وهناك نقطة يجب توضيحها أن هذه الزوجة خلال هاته الفترة لا إراديا ونفسيا، تزداد رغباتها وتكثر من ممارسة علاقات جنسية مع زوجها، احتمالا لوقع الحمل.
مع العلم أن تصرفها هذا في العديد من الحالات، قد ينعكس بالسلب على طبيعة علاقاتها الحميمية مع زوجها، الذي سيصبح مجبرا على تلبية رغباتها الجنسية، وبالتالي كثرة الضغوط عليه، قد تسبب له اضطرابات جنسية سواء كانت نفسية أو عضوية.
هل يمكن القول أن العلاقة الجنسية تفقد متعتها؟
طبعا، سوف تتغير ملامح العلاقة الحميمية بوجود أحد الأزواج غير قادر على الإنجاب، سواء عند الزوج العاقر أو الزوجة العقيم، بحيث تصبح هذه العلاقة غير مفهومة، مادامت تفتقد لهدفها وهو الإنجاب، لتتحول عند بعض الشريكين إلى علاقة ميكانيكية، بدون مشاعر وبدون فائدة، وبالتالي سوف تتزعزع قيمة ومتعة الممارسة الجنسية عند الزوجين. ولا ننسى أيضا أن العقلية في مجتمعنا المغربي، تعتبر الجنس عملية مرتبطة بالإنجاب
ماذا يمكن أن تقول للأزواج اللذين يعانون من مشكلة العقم؟
هناك بعض الأزواج يعتقدون أن الإنجاب وسيلة لحل كل المشاكل، بل هو الورقة الرابحة لإنجاح العلاقة الزوجية المثالية، لكن هذا الاعتقاد ليس صحيحا مائة في المائة، لأن الزواج ليس هو الإنجاب فقط، بل هناك أسس ومشاعر أكثر صلابة وعمق من وجود الأطفال. لذلك يجب على الطرف الآخر تقديم المساعدة المعنوية والنفسية للطرف الآخر، بكثير من الحب والإحترام والتفاهم، مع تجنب إلقاء اللوم عن عقم لا ذنب فيه للمبتلين به.
المصدر: F.A