طبقا للتقاليد التي لا يزال الآباء محافظين عليها و «النكافة» هي الحارسة الأمينة لهذه التقاليد و العادات. إذ لا تقوم فقط بتقديم الملابس و الإكسسوارات للعروس قبل حفل الزفاف بل و تعمل على إعداد خطة لسير الحفلة باتفاق مع العائلة انطلاقا من اللحظة التي يدخل فيها العروسان الحفل على متن العمارية. أليست النكافة من ينظم هذه «الدورة» الرائعة التي يقف لها كل المدعوين؟ و يؤكد كل المهنيين على أن «الدورة هي القلب النابض لتقاليد حفل الزفاف، و عمادها. لذا يجب على النكافة الجيدة أن تولي اهتماما خاصا بهذا الجزء من الحفل».
النكافة. هي مهنة غير قابلة للانقراض طالما يتم إحياء حفلات الزفاف و «بالطبع»، يضيف المهنيون، «لقد تطورت الأمور منذ أصبح الزوجان الشابان يتدخلان في تنظيم الحفل. فبعض الفتيات المقبلات على الزواج لا تحب أن تتبعها النكافات طوال الوقت، و بعضهن لا يردن أن يغيرن لباسهن أكثر من مرتين، و أخريات يفضلن الانضمام إلى المدعوين بدل أن يبقين معزولات في كراسيهن. و هي اختيارات نحترمها. و لكن في اللحظة المخصصة للدورة، وحدها النكافة و فريق عملها من يتدخل لأن هناك قواعد يجب احترامها». تعد الدورة بالفعل عمود الحفل، و يمكن الاختيار بين «الدورة الفاسية أو الرباطية». و بالنسبة للناس الذين ظلوا مرتبطين كثيرا بتقاليد الأجداد، فسيختارون الدورة الفاسية الكلاسيكية، «الفرعونية»، بينما قد يفضل الآخرون الدورة الرباطية و هي أخف من سابقتها. و لكن في كل الأحوال، لن تستطيع أية عروس الإفلات منها، فهي اللحظة التي يمكن فيها الاستمتاع بمهارة سيدة الحفلة، أي النكافة. فسمعتها رهينة بجودة الإكسسوارات و سهولة تسييرها لهذه اللحظة الحاسمة و الحركات المرافقة لها.
و تحاول النكافة التجديد، من خلال استماعها لحاجيات الزبناء، لمواكبة الطلبات الجديدة للعرسان. «تتعدد الاختيارات، بحيث نحاول أن نضل على دراية تامة بكل ما هو جديد حتى نتمكن من تقديم خدمات تشمل آخر الصيحات سواء من حيث الألوان أو الإكسسوارات. فزبوناتنا يردن أن يكن الأجمل في ليلة العمر». و لذلك، هناك ثمن يجب تأديته: فكلما استثمرت النكافة مالا أكثر، كلما كانت النتيجة أفضل. و يمكن لها أن تلائم خدماتها مع كل الميزانيات. «تبتدأ خدماتنا من 3000 درهم، و لكن إن كانت الزبونة تود الحصول على خدمة راقية، فسيكلفها ذلك مبلغا أكبر». و تتمثل هذه الخدمة الراقية في إكسسوارات من المجوهرات الحقيقية و عمارية مميزة و دورة تحترم كل القواعد و التقاليد. و في بعض المناطق، كطنجة مثلا، تقدم النكافة أيضا ملابس جميلة لأن العروس لا تحب أن ترتدي أزياءها الخاصة.
و تتذكر بشرى. م. و هي حديثة العهد بالزواج بأنها أمضت شهورا طويلة في البحث عن النكافة التي تناسب تطلعاتها. «لم أكن أبحث فقط عن مقدمة خدمات، بل عن شخص قادر على مرافقتي في ذلك اليوم و تقديم الدعم النفسي لي و إخباري بأنني الأجمل لأن أسرتي كانت منشغلة في تلك الأمسية باستقبال المدعوين بينما كنت أنا في أمس الحاجة إلى من يضل إلى جانبي طوال الوقت».
لذلك يضل اللقاء الأول حاسما، فالزبونة في حاجة ماسة إلى من يطمئنها، أما ما تبقى فهو مسألة أذواق و ألوان و مسائل خاصة بكل منطقة على حدة. و عموما، تعمل الأسر على احترام مميزات المنطقة التي تنتمي إليها. ففي الشمال مثلا، يجب قطعا على العروس أن ترتدي «اللبسة الشمالية»، و في المنطقة الشرقية «اللبسة الوجدية» و في الجنوب «الشلحاوية». بحيث تفرض الأسر المنحدرة من المنطقة الجنوبية طرقها الخاصة في لحظة الدورة. و يتم تزيين الألبسة الموروثة عن الجدات بحلي من الفضة، تعود ملكيتها للعائلة و توارثتها جيلا من بعد جيل، تم تلف في الحايك. و تتكلف سيدة عجوز و محترمة من العائلة بالعروس وسط أنغام موسيقية و أهازيج بربرية. و هي طقوس ضرورية في كل العائلات الكبيرة.
و في هذه الحالة، تضل النكافة مرتاحة و تراقب ما يحدث حولها. و بذلك تتمكن من التطور و التحديث و الاستجابة لانتظارات الزبونات. و لكن على الرغم من الأشياء الجديدة التي تقوم بإدخالها، كالعمارية التي يعود استعمالها فقط إلى سنوات الثمانينات، تلعب النكافة دورا هاما في المحافظة على جزء من التراث الذي يدخل السعادة في قلوب الكثيرين. و قد أدت هذه المهمة بنجاح إلى حدود الساعة.
المصدر: F.A