من حق الطفل على والديه، الاعتناء به بملبسه، مشربه و مأكله، ليس هذا فحسب، بل واجبهم كذلك تعليمه أمورا عن الدين و الدنيا، و لأننا على أبواب شهر رمضان المبارك، فهذه فرصة لكل الآباء لتثقيف أبنائهم ثقافة دينية و تعريفهم أكثر على دينهم و واجباتهم الدينية…
عند حلول شهر رمضان المبارك، يلاحظ الطفل أجواء متغيرة في المنزل و في الحي و حتى في المقاهي و المطاعم التي تقفل أبوابها طوال اليوم، و يلاحظ عدم وجود إفطار، و لا وجبة غذاء، و هذا تغيير كبير يحدث بين عشية و ضحاها، و بما أننا نحن الراشدين، نعلم أنه بكل بساطة شهر رمضان، و لهذا تتغير عاداتنا الغذائية و حتى اليومية، أما الطفل فلا يعلم ما هو رمضان و ما الذي يوجب هذا التغيير الكبير في حياته اليومية. فبالنسبة للطفل رمضان هو الامتناع عن تناول الطعام طوال اليوم، فهذا ما يفعله والديه، ولأن الطفل بطبعه، يحب تقليد والديه في كل ما يفعلانه، سيرغب بالتأكيد في تجربة الصيام، كما أن والديه سيرغبان في تعويده على الصيام استعدادا لمرحلة البلوغ.
لكن هل للصيام أية آثار جانبية على صحة الطفل؟ و ما هي السن المناسبة لتجربة الصيام؟
أسئلة و غيرها يطرحها معظم الآباء الحريصين على صحة أطفالهم.
بما أن رمضان هذه السنة يتزامن مع العطلة المدرسية، يرى الدكتور مولاي سعيد عفيف أخصائي في أمراض الأطفال و الرضع، أنها مناسبة لتجربة الصيام، باعتباره أسهل من الصيام في فترة الدراسة، كون الامتناع عن الطعام لفترة طويلة يؤدي إلى نقص التركيز و الشعور بالعياء، لنقص السكر في الدم، كما أن الدراسة بطبعها تحتاج إلى تركيز أكبر.
لكن و كما نعلم، هذه المرحلة مهمة جدا بالنسبة للطفل، فهي مرحلة النمو، و لهذا فالطفل يحتاج للغذاء و لوجبات متفرقة خلال اليوم، بالإضافة إلى شرب كميات كبيرة من الماء خاصة في فصل الصيف، و حسب الدكتور، فلا بأس بتعود الطفل على الصيام قبل البلوغ بسنة أو سنتين، و أفضل طريقة هي تلك التي تتبعها معظم الأسر، بترك الطفل يصوم نصف يوم، أو أن يصوم يوم السابع و العشرين من رمضان. عادة ما تتطلب الأعمال الشاقة التي نقوم بها جهدا كبيرا وحرقا للدهون، وتصيبنا بالعطش، و بالتالي يزداد التعب إذا كان الشخص صائما، فالشخص الذي يقوم بجهد عضلي كبير و هو صائم قد تصل به درجة الإعياء إلى الإغماء، و نفس الشيء بالنسبة للطفل، فخلال صيامه يجب عليه تفادي القيام بمجهودات تتطلب طاقة كبيرة، كلعب الكرة مثلا، لأنه لن يستطيع الصيام ، وهو في حالة كبيرة من التعب، وعوض ذلك يمكنه أن يلعب لعب الفيديو أو ألعابا لا تتطلب منه مجهودا كبيرا لأن التعرض للتعب الشديد خلال الصيام قد يكون له مضاعفات على صحة الطفل، لدى ينصح الدكتور مولاي سعيد عفيف، بمراقبة الطفل خلال الصيام، و منعه من بدل مجهود كبير.
كما يؤكد الدكتور على أهمية وجبة السحور بالنسبة للطفل، مع ضرورة الابتعاد عن تناول الأطعمة التي تزيد من الشعور بالعطش، وخلال الفطور، يجب تناول الطعام بكميات صغيرة جدا، و عدم شرب الماء و العصائر الباردة دفعة واحدة، و البدء بأكل تمرة ثم أكل دفعات صغيرة من الطعام لأن أكل الطعام بسرعة دون مضغ و بكميات كبيرة مع شرب الماء البارد بعد الصيام يؤذي المعدة، لهذا على الوالدين أن ينتبها جيدا لهذه النقطة.
متى يمنع الطفل من الصيام؟
يؤكد الدكتور مولاي سعيد عفيف، على أنه لا يجب أبدا السماح للأطفال الذين يعانون من مرض السكري بالصيام، يمنع الصيام أيضا على الطفل المريض و الذي يتبع وصفة طبية، أما الأطفال ضعيفي البنية يجب تشجيعهم على الاكل و إعطائهم الحليب و الفيتامينات، حتى يصلوا لمرحلة البلوغ ، وهم بصحة جيدة، حتى يستطيعوا تأدية فريضة الصيام، و كما قلنا سابقا، فلا بأس بأن يصوم الطفل يوما أو يومين خلال شهر رمضان، لكن يفضل دائما بما أنه لم يصل بعد إلى مرحلة البلوغ، أن يتناول وجبات كاملة و منتظمة خلال اليوم، لأنه في حاجة الى الطعام حتى ينمو بشكل سليم، و لهذا فالإسلام شرع الصيام في سن معينة أي بعد انتهاء مرحلة النمو عند الطفل.
تجربة الصيام لأول مرة
بالنسبة للسن التي يجب السماح فيها للطفل بتجربة الصيام، يقول الدكتور، أنه ليست هناك سن محددة، فذلك يتعلق بمدى قدرة الطفل على الصيام وتحمل البقاء لفترات دون أكل أو شراب، و هنا يجب الإشارة أنه على الوالدين التدخل ومراقبة مدى تحمل الطفل، و إن رأى الوالدين أن الطفل وصل لمرحلة لم يعد يستطيع فيها التحمل، عليهم إجباره على تناول الطعام، لأن الطفل قد يعتبر الصيام تحديا عليه القيام به، لكننا نرى أنه قد يشكل خطورة على صحة الطفل.
و يعتبر أحسن سن لتعويد الطفل على الصيام هي قبل سنة أو سنتين من البلوغ، هذا حتى يتعود على الصيام، لكن إذا كان الطفل يرغب في تجربة الصيام تقليدا لمن هم أكبر منه سنا، فهنا نستطيع وكما قلنا تشجيعه على صيام نصف يوم.
المصدر: F.A