أنا بخير، كل شيء على ما يرام!

إن طريقة كوي ( Coué) تستدعي اهتمامك، فهي مقاربة إيجابية في التفكير وضعها إميل كوي، صيدلي وطبيب نفساني في أوائل القرن العشرين. طريقته بسيطة، تكمن في تغذية العقل الباطن بأفكار إيجابية تمكن من اكتساب صورة إيجابية عن الذات.

هل تعلمون أنه بإمكان الشخص الذي يحمل تصورا إيجابيا عن نفسه أن يحرك الجبال. هذا دليل قاطع على أن نفسية الإنسان لها تأثير كبير على حياته ووجوده، ولهذا فإن طريقة كوي بالنسبة لأنصارها، حقيقة لا مراء فيها. فكلما ردد الإنسان على مدار اليوم جملا إيجابية عن نفسه فإنه سيقتنع بها لا محالة. وحسب أنصار كوي، إن هذه الطريقة ناجعة جدا، لأن كل واحد منا له القدرة على إقناع ذاته، كما أن الإيحاء الذاتي الواعي له المفعول نفسه، لأن الأمر لا يتعلق بإرادة ما، بل بتشغيل الخيال لبلوغ الهدف المحدد. الإرادة وحدها لا تكفي، بل يجب أن نتصور أنفسنا أصحاء لنصبح كذلك، لا أن نرغب فيه فقط. يجب أن نتمثل أنفسنا في حالة إيجابية، لأنه بالعكس إذا ما توقعنا السقوط قبل عبور الحاجز، فإننا حتما سنقع. وبالنسبة لإميل كوي، مؤسس هذه الطريقة، فالخيال هو الملكة الأولى للإنسان، وأن هناك صراعا بين الخيال والإرادة، وأن الغلبة في النهاية تكون للتخييل، وهي نقطة إيجابية. أما إذا اتفقت الإرادة أو الرغبة مع الخيال، فإنهما يتكاثران من أجل تكوين تحالف قوي، وهنا ينتقل المرء إلى صف الفائزين، أو بالأخرى المؤمنين.

الاسترخاء والثقة بالنفس

يكمن سر هذه الطريقة بكل بساطة في الثقة بالنفس، ولهذا يجب التوقف عن جلد الذات والتفكير بشكل إيجابي عن النفس، لأنكم تستحقون ذلك. فحتى لو قضيتم جزءا من حياتكم في ترديد جمل من قبيل «أنا غير قادر على فعل…» فتأكدوا أن هذا الزمن قد ولى، وأنه عليكم الإيمان بمؤهلاتكم والاقتناع بها، لأن الإيحاء الذاتي مع كوي، أي التدريب الحياتي العصري، يساعد الشخص على التخلص من هذه المعتقدات الكابحة للنجاح والسعادة. وفي هذا الإطار يحث كوي المرضى على ترديد عشرين مرة متتالية، ولثلاث مرات في اليوم، الجملة التالية «في كل يوم ومهما اختلفت الآراء، أنا من حسن إلى أحسن»، حتى يحسوا بأنهم بخير.
وإذا كانت هذه الطريقة تسعى للتفاؤل، فإن الجمهور الواسع لم يكن بنفس التفاؤل دائما، وخاصة اليوم، حيث ظهرت العديد من الانتقادات لهذه الطريقة ولأسلوب اشتغالها.

خطر الاقتناع بأن كل شيء على ما يرام مع المرض

يحذر بعض الأخصائيين الشخصيات الهشة من اللجوء إلى هذه الطريقة، ومن ترديد أن كل شيء على ما يرام حينما يكون العكس هو الحاصل، لأنهم ساعتها سيكونون ضحايا نوع من التفكير السحري، وسيغفلون مشاكلهم في حالة المرض.
كما أنه من الممكن أن تؤدي هذه الطريقة بالنسبة للأشخاص الأكثر هشاشة إلى تطوير اضطرابات الهوس القهري.
إن هذه الطريقة لا تقدم حقيقة الحلول للمشاكل والتعقيدات العميقة، ولكنها تتميز بمنح الإنسان الشجاعة والطاقة في اليوم. ولا ننسى أن إميل كوي هو مخترع الدواء الوهمي، حيث تشير القصة إلى أنه اقترح على صيدلي التخلص من زبون نزق لا يتوفر على وصفة طبية بإعطائه ماء مقطرا على أنه دواء، وبعد أسبوع عاد الزبون وشكر الصيدلي على فعالية الدواء الذي منحه إياه. وبالنسبة للذي يرغب في الإيمان بهذه الطريقة، إليك هذه النصائح:
أولا يجب تحديد الهدف المرجو بدقة، والقيام بالإيحاء الذاتي بطريقة مريحة، وبعدها يمكن الشروع في ترديد الجمل بصوت مرتفع حتى تتمكن الأذن الباطنية من معرفة الجمل وعدد المرات التي رددت فيها. وللقيام بالإيحاء الذاتي بشكل جيد استعمل ضمير المتكلم وصيغتي الحاضر والمستقبل القريب، كما يجب صياغة الهدف بشكل إيجابي دون أية قيود، وممارسة هذا التمرين بشكل يومي لأن الإيحاء الذاتي قبل كل شيء فلسفة في الحياة تمكنك من الانتصار في هذا العالم والصراخ «أنا ملكة هذا العالم».

« للذهن تأثير قوي على تسريع العلاج»

حوار مع غيثة فلال، طبيبة نفسانية ( علاج منهجي)، وأخصائية نفسية في العمل لدى مؤسسة «دلتا للإدارة»

هل التفكير الإيجابي يمكن أن يعالج بعض الأمراض؟

للتفكير الإيجابي فوائد عديدة، لكنه لوحده لا يكفي، فالذهن أو المزاج له تأثير كبير، خاصة في تعجيل عملية العلاج بالنسبة للأمراض البدنية أو النفسية الجسدية، ولهذا فمن المهم جدا أن يترافق التفكير الإيجابي بدعم الأقارب، وتجديد الاتصال بالحواس المرتبطة بالواقع، التي تساعد على تطوير الوعي بالأمور الإيجابية المحيطة بنا.

ما هي حدود الإيحاء الذاتي؟

يعطي الإيحاء الذاتي بكل تأكيد، ثقة كبيرة في النفس وفي المستقبل، من مثل تصور الشخص لنفسه بارعا في مخاطبة الجمهور من خلال ضبطه لخطابه، والتفاعل بشكل إيجابي مع الجمهور. هذا الأمر بكل تأكيد يزود الإنسان بالزخم والطاقة، لكن هذا التصور لن يكون له تأثير معين إلا إذا ما صاحبه عمل يسير في الاتجاه نفسه. فلا يمكن النجاح في تدخل ما إذا لم يجر الاستعداد له بشكل جيد، وجرى تفضيل الارتجال.

هل تستعمل طريقة كوي في المغرب؟

نلاحظ اليوم في المغرب تزايدا في التكوينات والتدريبات في مجال التنمية الذاتية، وإقبالا متزايدا من طرف الجمهور الواعي بفعالية هذه الطريقة.

هل تلجأون إلى هذه الطريقة في مؤسسة «دلتا للإدارة»؟

بكل تأكيد، نحن نلجأ إليها في علاجاتنا، في الدورات التي نقوم بها لمقاومة الإرهاق، وتدريب الطلبة على مواجهة الامتحانات الشفوية، ومصاحبة المرشحين في امتحانات العمل. وسأختم بقولة رائعة لفرجيل تقول «إنهم يستطيعون لأنهم يفكرون أنهم يستطيعون».

«التنفس الصحيح للشعور بالراحة والثقة في النفس»

من بين أهم طرق الإسترخاء التنفس العميق لأنها عملية طبيعية عند البشر، والجميع بإمكانه استخدامها، لأنها عملية صحية. فالإنسان يدخل كمية كبيرة من الأوكسجين إلى جسمه والأكسجين ينشط كل خلايا الجسم بما فيها خلايا الدماغ, مما يزيد تركيزه ويقوي ذاكرته, ويخرج كل الهواء الفاسد أو ثاني أوكسيد الكربون من جسمه، ولأن جهازنا العصبي يلتقط يومياً ضغوطاً نفسية سواء وعينا بها أم لم نعي، فإن من التحضر أن نفرغ هذه الضغوط من جهازنا العصبي ثلاث مرات باليوم على الأقل، إضافة إلى لحظات تعرضنا إلى موقف سلبي بأفكارنا وشعورنا، بحيث نمرن عقولنا الباطنة على الربط الشرطي بين النفس العميق والراحة والتحكم بمشاعرنا وأفكارنا، ومع التمرين الكثير تصبح عقولنا الباطنة خبيرة فما أن نأخذ نفساً واحداً حتى نشعر بارسترخاء وهدوء فورا، أي أن العقل الباطن ينفذها أوتوماتيكياً.

والمفروض أن الإنسان في هذه الدقائق القليلة يفصل بين نفسه وبين الشعور والفكرة التي تزعجه، وأيضاً بالتدريب المستمر على استبعاد الفكرة من ذهنه وتركيز خياله على نفسه وعلى جسمه وعضلاته. والتنفس هو اللغة الأولية للعقل الباطن، إضافة إلى أن التنفس العميق يزيد من طاقتك، فإن جسمك يعتمد على الجهاز اللمفاوي لطرد السموم من خلال التنفس العميق، فبخلاف الدم فإن الجهاز اللمفاوي ليس لديه مضخة، ولكنه يعتمد على التنفس العميق والحركة كي يعمل، فالتنفس العميق يضاعف التخلص من السموم 15 مرة، وممارسة هذا التكنيك البسيط يمكن أن يغير حياتك إلى الأفضل بأشكال عديدة. بعد ثلاث دقائق أو(10 مرات تنفس عميق) والوصول إلى حالة استرخاء ذهنية، تستطيع التركيز على ما تعمل أو التخلص من الغضب، الخوف، الضغوط, أعراض القلق، وحتى تقليل الآلام الجسدية.

المصدر: F.A

شارك هذه المقالة، اختر منصتك !