المرأة المغربية كما ترى نفسها ويراها الآخرون

كثير من النساء المغربيات أسيرات رؤية المجتمع الظالمة لهن، فتجد بعضهن ارتضين البقاء خانعات مسلوبات الإرادة أمام واقع صامد تتجلى ذكوريته في كل تفاصيل يومياته.في المقابل نساء أخريات رفعن شعار لا لدونية المرأة ولا لتشييئها ولا لسلب حقوقها، فحققت مكاسب تلو الأخرى سمع صداها في منتديات عالمية، وما زالت العجلة تدور…

أهم مشاكل المرأة المغربية

الجنة تحت أقدام الأمهات… المرأة نصف المجتمع… وراء كل عظيم امرأة… وغيرها من الأقوال تضع للمرأة مكانة مميزة في المجتمع الذي تعيش ضمنه لكن هل في الواقع المعاش تحتل المرأة المغربية هذه المنزلة أم تنخرها مشاكل وصعوبات ترمي بها أحيانا إلى منزلة دون منازل البشر.

عقدة المجتمع الذكوري

لعل من أهم المشاكل التي تعانيها المرأة المغربية، تقول وفاء صندي *مديرة التواصل في هيئة العربية للطيران* هو فقدانها ذلك الاحساس الذي كان يميزها ككائن بشري خصه الله بصفات الأنوثة والرقة والنعومة. فالمرأة أصبحت تعامل، سواء في البيت أو العمل أو في الشارع، بنوع من الحدة، والقسوة أحيانا، ولسان حال ألستن أنتن من طالبن بالمساواة… وعلى» : المجتمع دائما المرأة التي تطالب بالمساواة أن تتحمل حسناتها وسيئاتها أيضا. وكأن في هذا السلوك نوعا من الانتقام بين مجتمع ذكوري لم يستطع بعد تقبل فكرة أن المرأة شريك فاعل في الحياة، وامرأة تسعى إلى أن تحجز لها مكانا داخل منظومة تحفظ لها كرامتها واستقلاليتها. والنتيجة أنه لم نعد نرى مظاهر اللياقة أو احترام المرأة لكونها امرأة أو إعطائها الأولوية في الحافلة أو القطار أو المصعد، إلخ، فالقوانين استطاعت فعلا أن تكفل للمرأة بعضا من حقوقها، لكنها لم تستطع بعد أن تغير عقلية المجتمع الذي لا يزال ينظر إلى المرأة نظرة فيها اتهام بأنها سبب في تفكك الأسرة وبطالة الرجل، وعدم ترقية الموظف لمجرد أنها خرجت ونافست ونجحت. ومن مظاهر الحيف أيضا تجاه المرأة، هو اختزال كل مشاكلها في “المساواة” أو “المناصفة ” ورأينا جمعيات حقوقية وفعاليات مجتمع مدني تناضل من أجل دسترة هذا الحق وضمان تنزيله على أرض الواقع، علما أن هذا المبدأ لا يزال محصورا إما في المطالبة بالعمل والمناصب أو التمثيلية النسائية في العمل السياسي وداخل البرلمان، أما عدا ذلك فالمرأة لا تزال أبعد ما يكون عن المساواة الحقيقية. فداخل الأسرة لا تزال بعض العائلات تفرح بإنجاب الولد أكثر من فرحتها بالبنت. وفي التربية لا تزال الأسبقية للولد والأحقية له في أن يفعل ما يريد في الوقت الذي تحرم، «ولد» ويخرج وقتما يريد لأنه ولا يزال الولد من، «أنثى» فيه البنت من ذلك لكونها وفي الشارع لا تزال المرأة. «ولد» حقه ضرب أخته لأنه تتعرض للتحرش والمضايقات ودائما يعود اللوم عليها ولا يزال الرجل يعنف زوجته دون حسيب، « متبرجة » لأنها فأين المساواة في كل هذه المظاهر ،« ناقصة عقل » لأنها التي تعكس ازدواجية المجتمع؟
أعتقد أن الحاجة ملحة اليوم إلى الاقتناع بأن المساواة هي تربية وهي سلوك يجب أن يصبح ثقافة مجتمع بأكمله، وأن النضال الحقيقي هو في تكريس مفهوم «المواطنة » بكل ما تعنيه من انتماء للوطن، وتمتع الجميع بشكل متساوي بمجموعة من الحقوق والتزامهم بمجموعة من الواجبات دون تمييز (حتى وإن كان إيجابيا) بسبب الجنس أو اللغة أو الدين أو غيرهم. وعندما نصل إلى هذه الدرجة من الوعي، وقتها فقط سنتخلص من ومن إحساس المرأة بالدونية عقدة« المجتمع الذكوري » التي تعبر عنها دائما عند مطالبتها بحقها في الوجود، وسنعامل ونتعامل جميعا كمواطنين متساوين، في البيت والمدرسة والشارع والعمل والسياسة..، بغض النظر عما إذا كنا نحمل في خانة الجنس «ذكر» أو «أنثى».

الاحترام حق إنساني

إن مشاكل حواء المغربية تقول دليلة حياوي * شاعرة مغربية مقيمة بإيطاليا * مهما تناسلت وتشعبت، أو تباينت وتقاطعت يظل المعين واحدا… فكل مشاكلها تنبع في عرفي من عدم إدراكها لحقيقة قَدْرها… نعم… قدْر حواء المغربية بالذات عظيم بين نساء الكون خلقا وخُلقا وطيبةً وحذقاً ولياقةً وتفانيا وبذلاً وعطاءً وإبداعا وحُسن تدبير. وتتساوى في ذلك الأكاديمية والأمية معا.. الحضرية والقروية… لكن بدل فرض حوائنا لكينونتها وقبلها آدميتها وانتزاعها لحقوقها نجدها دأبت على استجداء قشور الرضا من مجتمع لا يرضى وأفراد به جبلوا على عدم الرضا منذ الولادة… ويحز في النفس مثلا أن في القرن الماضي قبة «بديعة الصقلي» و «لطيفة بناني سميرس» ولجت البرلمان بخوضهما غمار الاقتراع وإقناعهما للناخبين بينما بناتهما وحفيداتهما يتهافتن الآن لنيل فتات بعد الرجال! كما يحز في النفس بل يشظيها « الكوطا » فاتّي » ومن قبلها « ثريا الشاوي » كيف تزغرد حفيدات لحلول ترقيعية قد ترأب « فانّو المرابطية « و « بنت المختار التصدع الأخلاقي لمجتمعنا العليل فرحات مهللات لوسائل نقل خاصة فقط بالنساء منعا للتحرش بدل أن يفرضن احترامهن كحق إنساني!..

عنف ولا مبالاة

يرى محمد أوبرير* زجال * أن المرأة المغربية على العموم لم تتساو بعد مع الرجل في الحقوق على عدة مستويات وفي عدة محطات من حياتها، ففي المجتمع المغربي الأفضلية تعود للذكور مع الأسف داخل الأسر منذ الصغر وخاصة بالبادية . الذكور يمكنهم متابعة دراستهم، بينما الإناث لا يتعدّين المرحلة الابتدائية في غالب البوادي المغربية، جانب ثاني تعاني منه المرأة عموما عند الزواج هو الإهمال واللامبالاة التي تصطدم بها بعد شهر العسل
_تظهر حقيقة رجل لا يعيرها أي اهتمام ولا يعاملها بنفس الرومانسية التي كان عليها قبل الزواج _فتصبح وظيفتها بالبيت الأشغال المنزلية والغسيل وتربية الأطفال وإعداد الطعام. ومن المؤسف كذلك تعرض العديد من النساء للعنف بشتى أنواعه داخل البيت وخارجه. في زمن حصل فيه الرجل على مستوى تعليمي غير العديد من الأفكار السلطوية الذكورية . أتأسف لما يحدث للعديد من النساء في وضعية اجتماعية صعبة _نساء يعانين من الفقر وبدون عمل، ومنهن المطلقات اللواتي لم تنصفهن المحاكم في عدة حالات. مشاكل المرأة من صنع الرجل الذي يهضم حقوقها عبر كل محطات حياتها _والمساواة لازالت بعيدة المنال في ظل عقلية ذكورية متزمتة وأنانية.

الشعور بالحكرة

من جهتها تتساءل لطيفة الصمدي، إعلامية إن كان اليوم الوطني أو العالمي للمرأة يلخص مدى اهتمامنا بالمرأة المغربية ككائن بشري من حقه أن يشعر بالأمان والسكينة؟ للأسف تجيب الصمدي، إذ مازلنا نشاهد أنواعا من
التحرش تجاه المرأة؛ تحرش في السوق من طرف بائع الخضار، في الحافلات، حتى في أماكن العمل، ناهيك عن ما يسمى بالحكرة. في الحقيقة عاينت مواقف كثيرة مؤلمة، هناك من مازال من الأسر تعتبر المرأة خادمة للزوج ولإنجاب الأولاد. كما تحرم المرأة في بعض المناطق القروية من حقها في الإرث، حيث يكتب لأب وهو لا يزال على قيد الحياة كل ما يملك لأبنائه الذكور ويحرم الإناث.
فهل هذا حق؟ هل هذا إنصاف؟ أم ماذا؟ أم جهل؟ وعقلية ذكورية مازالت لا تعتبر المرأة ولا تعيرها أي اهتمام، هي فقط للخدمة في البيت ولتلبية رغبات الرجل ..

حس مواطناتي

ولسميرة مغداد * كاتبة وصحفية * وجهة نظر بخصوص صورة المرأة المغربية في الإعلام، التي ترى أن مجموعة من العناصر تتحكم فيها، أهمها سوء التسويق الإعلامي للصورة الحقيقية للنساء المغربيات في الإعلام عامة،
جزءا لا يتجزأ من النساء العربيات اللائي يكابدن من أجل تحسين ظروف حياتهن، والانخراط في مسلسل التنمية وهن بأوجه متعددة تتشكل وفق المستوى التعليمي والاجتماعي، لكن للأسف هناك طغيان لصور نمطية تلصق اعتباطيا بالمرأة المغربية، ويغذيها الإعلام الذي في تقديري لا يملك حسا مواطناتيا كافيا للترويج لصورة متوازنة عن نسائنا، فالأحداث السلبية والمواقف السيئة لحالات هنا وهناك لا تعني أن المغربيات سيئات السمعة بالضرورة، لكن غياب الحرفية في تناول الأخبار والبحث عن الإثارة المجانية يخلق صورا نمطية متكررة، ويعطي انطباعا سلبيا عن صورة نسائنا، خاصة وأن كل الصور السيئة مقروءة ومرغوب فيها .نحتاج إلى ذكاء إعلامي وإلى صحافة مهنية عالية تفكر فيما بعد نشر الخبر أو المعلومة، صحافة مسؤولة تقدم النساء بمالهن وما عليهن وتبحث فيما وراء الحالة السيئة والموقف السلبي دون تحامل أو مزايدة، بوضع الحدث وفق معطياته الشاملة. للأسف الشديد إعلامنا يشد حبل المشنقة على صورة نسائنا خارج الوطن ويحمل الصورة أسوأ الاحتمالات، فإذا كان إعلام أهل الدار غير بار ببناته ونسائه، فما ننتظر من الإعلام الغريب عن بيئتنا؟
هذا لا يعني أن نزكي عمل وصور نسائنا مهما فعلن ومهما كان مستواهن، وإنما التعامل بحكمة واستحضار قيم الثقافة المغربية وقيم الانخراط في مقاربة ديمقراطية تنصف المرأة وتضع تصرفاتها وإكراهاتها في كفة واحدة مع ما قد يحصل للرجل في مجتمع ذكوري يحاكم المرأة ويغفر للرجل.أرى أنه حان الوقت ولعله بدأ من خلال جيل جديد من النساء والشباب بصفة عامة يقدر الأمور برصانة، ويعمل بطرق متعددة أهمها وسائل التواصل الاجتماعي للترسيخ لصورة حقيقة عن المغربيات اللواتي هن جزء لا يتجزأ من هذا العالم الموزع بين الخير والشر، وهن في النهاية يتقن إلى الأفضل والأسمى مهما كانت الظروف قاسية. خاصة النظرة الإقصائية للمجتمع، والتي تجعل من أخطاء النساء كارثة الكوارث. المغربيات لهن مالهن وعليهن ما عليهن مثل كل البشر في هذا العالم المتناقض، وهذه هي الحقيقة التي يجب على الإعلام بالأساس أن يستوعبها ويتعامل بها مع كل نساء بلدنا. كما لا أغفل حتى غياب النضج الكافي اليوم لتعامل بعض من نسائنا مع وسائل التواصل الاجتماعي، حيث هن أنفسهن يستعملن هذه الوسائل في غير مصلحتهن ويساهمن في التشويش على صورتهن.

المصدر: ل.ف

شارك هذه المقالة، اختر منصتك !