النشرة المدرسية: فلنقرأ ما بين العلامات

اقترب موعد نهاية الموسم الدراسي الأول، بالنسبة للبعض قد تعتبر بداية مشجعة، أما البعض الآخر، فيراها بداية مخيبة للآمال… مما يجعل الآباء يطرحون العديد من الأسئلة.
نحن من كنا نعتقد أن لدينا عبقريا بالبيت، اتضح لنا أن الحقيقة هي شيء آخر.

الامتياز لا يعني أن الطفل جيدا، فالعلامات الجيدة قد تكون انتزعت تحت ضغط الصراخ، أو تحت ضغط الساعات غير المناسبة للتحصيل والتعلم. وإذا أتى الطفل بعلامات تهز البدن، فلا داعي للقلق والتوتر، فكل ذلك يمكن أن يتم تجاوزه. اجعلوا الطفل يعتاد على النظام، وكذلك أنتم، وحاولوا أن تفهموا ما يناسبه.

خذوا وقتكم في الحوار معه، وتحوّلوا من لعب دور الأب الذي يسطر القواعد، الى الأب القريب من طفله، فهكذا يجب أن يكون الأب، يجب أن يكون قادرا على تقمص كل الأدوار حسب الوضع وحسب احتياجات طفله. يجب أن يكون طيبا، مرحا، مسؤولا، صديقا ومدربا حقيقا.

فعوض تأنيب الطفل على علاماته الكارثية، حاولوا أن تفهموا كيف يرى هو هذه العلامات، وهل هو راض عنها، وكيف يرى نفسه، وهل يستطيع أن يجد في نفسه العوامل التي تساعده على التغيير، وكيف نستطيع نحن مساعدته؟

فعندما يصبح الأب مدربا حقيقيا لابنه، فهذا الأخير سيرى فيه الرفيق القريب والمثل الأعلى.

لمساعدة الطفل… انفخوا في أشرعته

تقول السيدة فوزية بنجلون، المدربة المتخصصة في النصح وتطبيق الانصات النشيط: «يجب معرفة طرح الأسئلة الجيدة، ثم إتقان الانصات، لتحديد احتياجات الآخر وتطلعاته. فتطلعات وأحلام الطفل ليست هي بالضرورة تطلعاتنا أوأحلامنا».

من هنا، تأتي أهمية تخلي الوالدين عن طموحاتهم الخاصة، فلا الفكر، ولا الاسلوب،ولا المعتقدات ولا كل الخبرات التي راكمناها، سيكون لها أي معنى إذا لم تتأقلم مع ظرف وشخصية الطفل، يجب أن نتخلى عن كل ذلك إذا أردنا السير قدما.

فعوض التركيز فقط على النقاط السلبية، يجب أن نهتم بالمواد التي يرتاح لها الطفل، ولا نتردد أبدا في التنويه به حتى لو حظيت علامة واحدة فقط بالمعدل.

بالنسبة لفوزية بنجلون، عندما تكون هناك صعوبات مدرسية، فالمشكل هو خارجي. وهذه العلامات السيئة تترجما غالبا انعداما للثقة بالنفس، وإطارا بيئيا لا يستجيب بالضرورة لاحتياجات وتطلعات الطفل.

ومهنيو الطفولة، يذكّرون دائما بأهمية وضع قواعد حياتية لتنظيم الحياة اليومية، كالعمل المدرسي، الخرجات، الفسح… الخ، مأكدين على ضرورة جدولتها ووضعها في البيت ليتم الرجوع اليها، مع ضرورة احترام هذه القواعد سواء تعلق الامر بالكبار أوب الصغار.

الطفل هو نتاج البيئة والأبوين

عوض الحكم على الطفل ووضعه في خانة الطفل السيء، يجب الرفع من قدراته وتوسيع آفاقه. يجب إعطاءه المجال ليكتشف أنشطة جديدة بعيدا عن المدرسة، في مجالات عدة، كالمجال الفني، الرياضي، الثقافي. يجب الرفع من معنوياته، حتى يكتشف منابع اخرى ويسترد ثقته بنفسه، فيغير نظرته للحياة ولطاقاته أيضا. فبتشجيعه، ستعززون دوركم كمرافقين،
دور الآباء ليس هو عرض الطريق امام الطفل والاستمرار معه حتى الحظة التي يتركنا فيها، نحن فقط القوس،والطفل هو السهم، فعندما نوجه أطفالنا نحو الهدف، الباقي لا يخصنا.»،
هي مقولة للشاعر الكبير خليل جبران التي وظّفتها فوزية بنجلون، مضيفة: « لتصويب السهم، هناك ثلاث مراحل أساسية، أولا نعيش الهدف، ثم نستعمل طاقاتنا لنمدد القوس عن طريق المشاركة، التواصل، البيئة السليمة والتحفيز الإيجابي، ثم بعد ذلك نطلق السهم».

«طفل ذو مستوى جيد لا يعني بالضرورة ان علاماته جيدة»

حوار مع السيدة فوزية بنجلون مدربة حياة.

ماذا يترجم لنا الفشل الدراسي؟

أولا ليس هناك طفل كسول أو ضعيف أو فاشل ، بقدر ما هنالك انعدام للثقة في النفس. ربما ان الطفل يسعى الى لفت انتباه الوالدين حتى وإن كانا يعتقدان انهما حاضرين. يجب أن نبحث في بيئته وفي حياته المعاشة، أن نبحث عما إذا كانت قواعد اللعبة مطبقة أو لا، فعندما يكون هناك مراهق فشل في دراسته، فلابد أن نعمل على ذواتنا ونطرح مجموعة من الأسئلة الصحيحة.

ماهو دور الآباء في مسار طفلهم الدراسي؟

أن نكون آباء، يعني أن يكون هناك اتفاق مع الطفل، أن نتحمل مسؤولية رعايته، توجيهه، ان نغمره بحبنا، ونساعده ليكون سعيدا. مهمتنا أن ننفخ في شراعه حتى يكتسب استقلاليته. ونطبق ما قاله كونفوشيون: «لا تعطني سمكة، ولكن علمني كيف أصطاد». بتطبيقنا للإنصات النشط، نكون قادرين على تحليل ما فعله وما لم يفعله. الإنصات النشط، يمكننا من الفهم الجيد لاحتياجات الطفل و تطلعاته. ولا ننسى التنويه به عند أول فرصة أو مناسبة. الأهم من هذا كله، هو أن يدرك الطفل، أنه يستطيع ان يلجأ الى اسرته في أي وقت اذا احتاج الى أي شيء، أو اذا كان لديه أي تساؤل، فالأب يجب أن يحب بدون أي قيد أو شرط.

كيف يمكن فهم وتحمل الأخطاء، هل يمكن أن يكون ذلك إيجابيا؟

عندما نفهم أن ارتكاب الأخطاء لا يعني الفشل، فهذا يمكن الطفل من تحقيق الاستقلالية سواء في الافعال أو في الأفكار. ولكن بشرط أن نطرح عليه الأسئلة الجيدة، ونعطيه حرية الاختيار. لماذا فشلت؟ ماذا يجب فعله لأنجح؟ كيف يمكنني عدم إعادة ارتكاب نفس الاخطاء؟… وهذا يمر عبر طرح الأسئلة الصحيحة. الطفل الجيد لا يعني أبدا أن علاماته جيدة، ، وكما يقول الأمريكيون عندما يفشلون: «الفشل هو بداية النجاح».

التعليم الجيد يتطلب وعيا، فكيف نعلم الطفل ان يتحمل المسؤولية منذ الصغر؟

الوعي يمكننا من أن نكون مسؤولين. من هنا تأتي أهمية وضع الطفل في إطار ما. يجب أن يتعلم التنظيم والترتيب (غرفة النوم، المكتب…) حتى تصبح عنده عادة. وعندما نقول بأن كل شيء يجب أن يكون في مكانه، وبأن كل مكان لديه أشياءه، لا يعني أبدا أنه تسلط وإنما وسيلة لإظهار الطاقات الكامنة لدى الطفل. فمعرفة كيفة الاستفادة من الوقت الضائع سيعينه بالتأكيد طوال حياته، وفي التدريب نسمي ذلك بتصريف الطاقات. بالنظام وبالانسجام التام ما بين ما نريده وما بين النتيجة، تأتي الثقة بالنفس والشعور بالأمان.
لتطبيق الانصات النشط لابد من التأطير، استبعاد الأحكام المسبقة، ترك الآخرين يعبرون من دون مقاطعتهم، ترك الأسئلة مفتوحة، يجب ان نظل محايدين وايجابيين.

المصدر: F.A

شارك هذه المقالة، اختر منصتك !